كود اعلان

مساحة اعلانية احترافية

آخر المواضيع

ساطع نورالدين... الخيط الرفيع بين بيروت وطهران



الاعتقاد بان لبنان خرج من دائرة النفوذ الإيرانية، سابق لأوانه. والاعتماد على ما جرى في الأيام الماضية يقود الى العكس تماماً. ثمة ما يبرهن على ان تلك الدائرة توسعت في لبنان بالذات، أكثر من أي وقت مضى منذ الثورة الخمينية. الضربات القاسية التي تلقاها حزب الله، استدعت تدخلاً إيرانياً مباشراً، في إدارة الحزب وفي تنظيم عملياته وترتيب صفوفه الداخلية. وبات ضباط الحرس الثوري الإيراني موجودين في مختلف مراكز القيادة والسيطرة، يمهدون لزحف سياسي ودبلوماسي وإغاثي إيراني على بيروت، لم يسبق له مثيل.. يمكن ان يختصر بالاستنتاج ان طهران أصبحت الممثل الشرعي والوحيد باسم حزب الله (والشيعة في لبنان)، وبالتالي المفاوض الرسمي والوحيد، عنهما. 

ولعل من أهم نتائج الحرب حتى الان، ان الحرية شبه المطلقة للحزب قد انتهت، وربما لن تعود، بعد غياب أمينه العام السيد حسن نصر الله، الذي كان أكثر من حليف للمرشد علي خامنئي، بل كان صانع سياسات إيرانية، تحول الى رمز ومرجع يعتمده المرشد شخصيا في تدبير شؤون إيران العربية كافة، انطلاقاً من لبنان الذي تحولت جبهته الجنوبية الى ورقة مهمة في ملف التفاوض النووي، الى سوريا التي كان لنصر الله، دور حاسم في قرار خامنئي القتال مع نظام بشار الأسد، الى اليمن الذي ساهم حزب الله في فتح جبهته مع السعودية وبقية دول الخليج العربية، الى العراق الذي كان نصر الله شخصياً أكثر من مجرد وسيط يحافظ على وحدة الصف الشيعي الموالي لإيران.

والتقدير الثابت هو أن اغتيال نصر الله، كان ضربة موجعة للمرشد شخصياً، ولزعامته السياسية، لا سيما وان أغلب المسؤولين ورجال الدين الإيرانيين، والجمهور الإيراني طبعا، كانوا يعارضون مثل هذا الدور المميز لحزب الله، ومثل  ذلك الرهان المفرط على جبهة لبنان، وكانوا يجاهرون بالخلاف حول  الدفاع عن نظام بشار، او حول فتح جبهة اليمن ضد السعودية..وهو ما كان قد أشار إليه نصر الله نفسه في خطابات تلفزيونية علنية، لا سيما قوله مرة أن جانباً من القيادة الإيرانية كان يعتبر أن حزب الله هو الذي فتح حرب لبنان العام 2006، وعليه ان يتحمل المسؤولية..وهو جدل حسمه المرشد يومها بإيفاد القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني الى بيروت تحت القصف الإسرائيلي، حاملاً المال والسلاح والذخيرة التي تستخدم في الحرب الحالية.

المختلف الآن، هو ان اغتيال نصر الله، كان بمثابة غارة مباشرة على منزل خامنئي، الذي يواجه فعلا تحديات في توحيد صفوف المحافظين، وفي ضبط الحرس الثوري تحت مرجعيته، والحؤول دون حصر قرار توريث "الولاية"، في يد شريحة باتت سياساتها الداخلية والخارجية ومظاهر تطرفها وتفلتها وفسادها، تهدد مستقبل النظام نفسه، حسبما نُسب الى المرشد عندما قبل ترشيح وفوز الرئيس الحالي مسعود بزشكيان.

ما يتردد في واشنطن وعدد من العواصم الغربية وإسرائيل عن أن هدف الحرب الحالية هو اسقاط النظام الإيراني وليس فقط تغيير سلوكه وتصفية أذرعه العربية، ليس عليه دليل حتى الآن، وليس له أساس صلب، لا في الميدان ولا في الغرف المغلقة.. على الرغم من أن فضيحة إختراق جهاز الموساد الاسرائيلي لقيادة الحرس الثوري، التي ثبتت صحتها، تشي بأن جبهات لبنان وفلسطين وسوريا والعراق واليمن، ليست سوى أصداء لمعركة ضارية تدور رحاها داخل طهران بالذات. 

تلك المعركة الايرانية ما زالت في بداياتها. ثمة اجتهادات أميركية إسرائيلية متباينة حول طريقة إدارتها، بلا حرب تشبه حرب العراق العام 2003، وبلا تدخل خارجي فظ، يغير موازين القوى داخل إيران، ويطيل أمد المواجهة المفتوحة على الجبهات العربية الخمس. لكن حسم تلك الاجتهادات لم يعد سوى مسألة أسابيع.. يمكن ان يكون حزب الله نفسه، أول وأهم الشهود عليها.  

بيروت في 13 / 10 / 2024

إرسال تعليق

0 تعليقات

مساحة اعلانية احترافية
مساحة اعلانية احترافية
مساحة اعلانية احترافية